قصة: هديل وناصر وأرنب الغابة
في قرية هادية وسط الخضرة والأشجار، كانت تعيش بنت صغيرة اسمها هديل. بنت مرحة، تحب تضحك وتحب الزهور، دايم تلقاها لابسة فستان وردي وشعرها مربط بشريطة بنفسجية. وكان عندها صاحب اسمه ناصر، ولد ذكي ودايم يفكر، يحب الحيوانات، وكل شوي تلقاه ماسك دفتره يرسم أرنب أو قطوة أو طير.
يوم من الأيام، الجو كان حلو مرّة، والسماء صافية والهوى يرد الروح. هديل جت تركض لناصر وقالت:
“ناصر! ناصر! وش رايك نروح غابة العصافير؟ من زمان ما رحنا!”
ضحك ناصر وقال: “يلا! بس نأخذ معنا موية وسندويشات، يمكن نجوع.”
قالت هديل: “وانا جايبة جزر، يمكن نلقى أرنب أو شي.”
حطّوا أغراضهم في شنطة صغيرة وبدوا يمشون سوا بين الحقول، يضحكون ويلعبون بطريقهم، يطاردون الفراشات ويقلدون أصوات الطيور. يوم وصلوا الغابة، وقفوا شوي يستمعون للأصوات حوالينهم.
فجأة، هديل رفعت يدها وقالت:
“شششش! سمعت؟ في صوت كأنه… يبكي؟”
ناصر شافها وقال: “ايه، كأن فيه شي تعبان هناك… تعالي نروح نشوف.”
مشوا بين الأشجار بحذر، لين لقوا أرنب صغير أبيض رمادي، قاعد تحت شجرة، وعينه فيها دمعة. كان ماسك رجله ويئن.
قالت هديل: “يا الله! شكله مكسور!”
ناصر جلس جنبه وقال: “ما يخاف، ما راح نضرك، بنساعدك.”
هديل طلعت منديل من شنطتها، وناصر فك خيط من شماغه وسووا له زي الجبيرة الصغيرة. الأرنب ما تحرك كثير، بس عيونه كانت تقول “شكرًا”.
قالت هديل: “وش رايك ناخذه البيت، نعتني فيه شوي لين يتحسن؟”
ناصر قال: “فكرة حلوة، بس لازم نخفّي عن أمي، لا تقول وش ذا الحيوان بالبيت!”
ضحكت هديل وقالت: “عادي، نحطه عندي. أبوي يحب الأرانب أصلاً.”
رجعوا للبيت بهدوء، وحطوا الأرنب في سلة فيها قطن وغطّوه بشال ناعم. كل يوم يجي ناصر ومعه جزر أو خس، وهديل تنظف له وتراقب رجله.
سمّوه “رعود”، لأن صوته كان غريب شوي، كل ما خاف يصدر صوت كأنه قرقعة مطر.
ومع الأيام، صار رعود أقرب لهم، وصار يتحرّك شوي شوي، ويأكل من يدهم.
مرت ثلاث أسابيع، وكل يوم يقرب رعود من الشفاء. في يوم، هديل فتحت السلة ولقت رعود واقف على رجوله الثنتين!
صرخت: “ناصر! تعال شوف!”
ركض ناصر وقال: “يا ساتر! قام! رجله صارت زينة!”
ضحكوا واحتفلوا، بس بعد لحظة، سكتوا.
قالت هديل: “بس… الحين نرجعه الغابة؟”
ناصر قال: “ايه، هو مكانه هناك، بين الأرانب، ما نقدر نحبسه عندنا.”
ثاني يوم، خذوا السلة وراحوا الغابة. فتحوها بهدوء، ورعود طالعهم، وكأنه فهم. نطّ شوي، وقف، طالعهم مرّة أخيرة، بعدين ركض بين الأشجار واختفى.
هديل مسحت دمعتها وقالت: “أحس قلبي شوي مكسور…”
ناصر قال: “أنا بعد، بس سوّينا الصح. الحب مو بس تملك، الحب أحيان يكون حرية.”
ضحكت هديل وقالت: “يا فيلسوف!”
ومن ذاك اليوم، صاروا يزورون الغابة دايم، مو بس عشان يتمشّون، بل عشان يتأكدون إن الحيوانات بخير. صاروا أصدقاء للطبيعة، وكل حيوان بالغابة كأنه يعرفهم.
ومرت الأيام، وكبروا هديل وناصر، لكن دايم يتذكرون يوم أنقذوا رعود… الأرنب اللي علّمهم إن الحب يعني تعطي بدون ما تطلب شي، وتساعد حتى لو القلب بيتعب.
النهاية