قصة سعود والسحابة اللي تضحك
(قصة للأطفال باللهجة السعودية)
في صباح يوم خريفي معتدل، صحى سعود من نومه على صوت جدته تنادي من المطبخ:
“يالله يا سعود، قم، فطورك جاهز! وحط ثوبك الأبيض، اليوم عندنا ضيوف العصر!”
سعود قام من سريره وهو يفرك عيونه، لبس ثوبه وغسل وجهه، وراح يفطر مع جده وجدته. أكل قرصان وخبز بر، وشرب حليب بنكهة الهيل. كان مبسوط، لكنه يحب العصر أكثر من الصبح.
ليش؟ لأن العصر هو الوقت اللي يجلس فيه مع جده تحت السدرة الكبيرة في حوش البيت، يشربون قهوة، ويتفرجون على السما.
جده دايم يقول له:
“العصرية زينها الجلسة الهنية، والسواليف الزينة، والراس الفاضي.”
وكل يوم، سعود يشوف السحب تتحرك فوقهم، ويتخيل أشكال. مرّة يشوف جمل، ومرّة ناقة، ومرّة قصر، ومرّة حتى تنكة بيبسي.
لكن ذاك اليوم، شاف شي غريب…
فيه سحابة صغيرة، لونها أبيض ناصع، تطير لحالها بعيد عن باقي السحب. الغريب؟ إنها تضحك!
ضحكها ما كان صوت عالي، لكنه كان واضح. زي نسيم يضحك بخفة.
سعود قال:
“يا جدي، شفت السحابة ذيك؟ تحسها تضحك؟”
جده فرك عيونه، وقال:
“وش تقول؟ شكل الشمس ضربت راسك شوي.”
ضحك سعود، لكن داخل قلبه حس إن السحابة فعلاً كانت حقيقية.
رجع اليوم الثاني، وجلس بنفس المكان، وتخيل السحابة ترجع. وبالفعل، رجعت! لكن هالمرّة، تكلمت.
قالت له بصوت ناعم يشبه خرير الموية:
“هلا يا سعود، اشتقت لك.”
سعود شهق وقال:
“إنتي تتكلمين؟! سحابة تتكلم؟”
قالت:
“أنا مو أي سحابة… أنا سحابة القصص.”
سعود صار يطالع فيها ويفرك عيونه، وقال:
“وش يعني سحابة القصص؟”
قالت:
“أنا أتغذى على خيال الأطفال. كل ما تتخيل، أنا أضحك، وأكبر، وأبيض أكثر.”
سعود ابتسم وقال:
“يعني إذا وقفت عن التخيل، تروحين؟”
قالت:
“يمكن… بس أنا ما أبغى أروح. علشان كذا، ودي كل يوم العصر تحكي لي سالفة جديدة.”
من بعدها، صار سعود كل يوم العصر يجهز له دفتر وألوان، ويروح يجلس تحت السدرة، يرسم ويتكلم، وهو يشرب قهوة عربية خفيفة (جدته تحط له دلة خاصة فيها بس زعفران وهيل بدون قهوة حقيقية).
السحابة تجي، وتسمع، وتضحك، وتكبر شوي شوي. وكل ما شافوها الناس، قالوا:
“وش هالسحابة اللي دايم فوق بيت سعود؟ غريبة!”
لكن محد يدري بالسر إلا سعود، وجده، والسحابة.
وفي يوم من الأيام، جات السحابة حزينة، لونها صار رمادي، وضحكتها اختفت.
قال لها سعود:
“وش فيك؟”
قالت:
“زعلت من واحد من الأطفال، قال إن الخيال ما له فايدة، وإن السحاب بس مويه وهواء.”
زعل سعود، وقال:
“لا تصدقين! أنا أعرف إنك أكثر من كذا.”
وقام في الليل، كتب قصة كاملة عن السحابة، وسماها: “السحابة اللي تضحك”، وقرأها لأصدقائه في المدرسة.
كلهم حبوا القصة، وصاروا كلهم يتخيلون سحب تضحك، وتتكلم، وتزورهم في أحلامهم.
وفي اليوم اللي بعده، رجعت السحابة بيضا، تضحك بصوت عالي، وقالت له:
“يا سعود، خيالك ما بس خلاني أرجع… خلاني أطير لكل الأطفال في القرية.”
ومن يومها، صار سعود يُعرف بين أهل القرية باسم:
“راوي السحاب”
النهاية.